موضوع: خطايا القلوب 4 الثلاثاء يناير 13, 2009 4:01 pm
ثانيا الدعاء:
نعم الدعاء فلن يُنال زكاُ النفسِ وطُهرُ القلبِ إلا بعونٍ من الله جل جلالُه وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً ). ولذا دعا النبيُ (صلى الله عليه وسلم) ربَه فقال: واسلل سخيمةَ قلبي، ودعا الصالحون من عبادِ الله فقالوا: ( رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا ).
ثالثا الرقابةُ على خواطرِ القلوب، ومحاسبةِ النفوس:
ومعالجةِ ذلك، فليكن كلُ منا على قلبِه رقيبا ولنفسِه محاسبا، وليتفقد خواطرَها وحديثَ قلوبِها.
رابعا المجاهدة:
وقد يجاهدُ الإنسانُ نفسَه على الصيام، بل وعلى قيامِ الليل، ولكنَه يضعفُ ويجهدُ عن مجاهداتِ القلب، واللهُ سبحانَه يقول: ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)، ويقول: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)، إن الأمرَ يحتاجُ إلى صبرٍ ومصابرة، وجهدُ ومجاهدة.
خامسا مجانبةُ المعاصي:
وحميةُ النفسِ منها، فما تنموا هذه الأوبئةُ إلا في نفسٍ خربةٍ عشعشت فيها المعاصي وتكاثرت عليها الذنوب، واستمع إلى قوارعِ قولِ اللهِ عز وجل كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)، ( فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً )، (فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ).
سادسا الإخلاص:
ذاك الإكسيرُ العجيب، فإذا توفر الإخلاصُ لدينِ اللهِ في القلب زال الكبرُ وحل التواضعُ مكانَه، وزالت الأحقادُ والبغضاءُ منها وحل الوئامُ والودادُ مكانَها، وزال حبُ الدنيا والتطلعُ إلى مناصبِها ومغرياتِها وحل محلَ ذلك التطلعُ إلى مرضاةِ الله والنجاةُ من عقابِه ووعيدِه، وزالت العصبيةُ بأشكالِها وألوانِها وحل مكانَها الولاءُ للإسلامِ من حيثُ هو إسلام.
إن الإخلاصَ كلمةُ سهلةُ على اللسانِ، وحبيبةُ إلى القلوب، ومطربةُ للأسماع، وهي من أجل ذلك من أكثرِ الكلماتِ تداولا وتكرارا، ولكن معناها من أعظمِ المعاني أهميةً في الحياة، ومن أبعدها أثرا في المجتمع، ومن أشقِها على النفوسِ عند التطبيق.
أيها الأحباب، وبعد نهايةِ هذا التطواف فعلى العهدِ فلنفترق، عهدُ التفقدِ لخطايا القلوب، والتواصلِ لتطهيرِ النفوسِ منها، وحراسةِ القلوبِ من هذه الخطايا أن تدبَ إليها، أو تنمو فيها، وأودعُك وأنا أذكرُك بكتابِ الإمامِ أبنُ القيمِ رحمَه الله (إغاثةِ اللهفان) ففي مقدمتِه صفحاتُ فيها الوصفاتُ الناجحةُ والبلسمُ الشافي، وكتابِ (التحفةُ العراقية) لشيخِ الإسلامِ ابن تيمية، فعش معهما تعش مع عارفين بخطراتِ القلوب وأدواءِ النفوسِ وخطايا الأفئدة.
واللهُ يحفظُنا جميعا بحفظِه، ويكلأنا برعايتِه، ويبقي لنا دينَنا الذي هو عصمةُ أمرنا.