ملتقى أهل السنة في فلسطين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى أهل السنة في فلسطين

ملتقى أهل السنة في فلسطين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 خطايا القلوب 3

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



عدد الرسائل : 12
تاريخ التسجيل : 12/05/2008

خطايا القلوب 3 Empty
مُساهمةموضوع: خطايا القلوب 3   خطايا القلوب 3 Icon_minitime1الثلاثاء يناير 13, 2009 3:59 pm

الحسد، نتحدثُ عنه وكأنَه كابوسُ لا يرى إلا في الأحلام، أو كأنَه قطارُ لا يركبُه إلا من وقفَ في محطتِه وقطعَ تذكرتَه، لكنا لا نفطِنُ إلى تسربِ الحسدِ إلى النفوسِ من خلالِ الفرحِ بزلاتِ الأقرانِ، من خلالِ الفرحِ بأخطاءِ الزملاء، بل لو رصدَ كلُ واحدٍ منا العداواتِ في نفسِه وسبرَها وبحثَ عن أسبابِِها لوجدَ أن الأسبابَ الظاهرةِ قشرُ لداءِ أسمُه الحسد.

خذ على سبيلِ المثالِ العُجب والتعالي، إن العجبَ والغرورَ قد لا يخرجُ بصورةِ الإطراء للنفس، قد لا يخرجُ بصورةِ التمدحِ، لكنَه يخرجُ بصورةٍ أخرى هي التنقصُ للآخرين، تقليمُ جهودِهم، عدُ عيوبِهم، الإفاضةُ بذكرِ نقائصِهم، لماذا؟ حتى يتساقطَ هؤلاءِ كلِهم ويبقى المتحدث، إذا به يقولُ بلسانِ الحالِ أنا الكاملِ وهؤلاءِ فيهم وفيهم وفيهم، ليقولَ بلسانِ الحالِ أنا خيرُ من أولئك.

خذ مثالاً آخر: الكبر، ليس بالضرورةِ أنهُ تلكَ المشيةِ المتبخترة، أو ذلك الأنفُ المشمخر، كلا فقد يظهرُ الكبرُ في صورةِ الاستعلاءِ عن الحقِ بردِه، قد يظهرُ الكبرُ في صورةِ احتقارِ الناسِ وغمطِهم والنظرِ إليهم بازدراء وإن مشى صاحبُه الهوينا وإن شمّر ثيابَه ونكسَ رأسَه.

ولذلك ذكر طبيبُ القلوبِ الإمامُ أبنُ القيمِ رحمه الله في معرضِ حديثٍ له فقال: أنه ربما كان صاحبُ الخلقان والثيابِ المرقعة أشدُ كبرا بمرقعتِه من صاحبِ الثيابِ الحسنةِ بثيابِه.

خذ مثالا آخر حبُ الشرفِ والرئاسة، حبُ التصدرِ قد لا يظهرُ في صورةِ دعوةٍ صريحةٍ إلى ذلك، ولكن يظهر في صورةِ النقد لعدائيِ بأسم التناصح، قد يظهر في صورةِ الحرصِ على أهواء النفسِ بأسم الحرصِ على مصالحِ الدعوة. على غيرِ ذلك من الاختلاطاتِ التي يعرفُها من أطال التأملَ والوقوفَ على دقائقِ النفوسِ وخلجاتِ الأفئدة.

أما الشحناءُ والبغضاء، فهذا الذي نعرفُه من أنفسِنا وحالِنا أفرادا وجماعات، على حظوظٍ من الدنيا تافهة، بل ربما تعدى الأمرُ إلى العداءِ بين الجماعات، وإلى الشحناءِ بين الشعوب، فرأينا الحدودَ الجغرافيةَ ولها تأثيرُها في الشحناء بين المسلمين، ورأينا الخلافاتَ السياسيةِ ولها تأثيرُها في العداواتِ القلبية بين الشعوبِ المسلمة. بل ربما رأيت الشحناءَ والعداوةَ بين أقاليمِ البلد الواحد.

أيها الأحباب: إن البراءةَ من هذه الخطايا وتطهيرِ القلوبِ من هذه العلل يفضي إلى الوصولِ إلى مرتبةٍ عظمى هي التي أدخلت ذاك الصحابيَ الجليلَ الجنة يوم سبرَ عملُه فإذا هو لم يتميز بعمل ولكن تميز بقلبٍ صافٍ وضيءٍ رقراق.

ولذا قال النبيُ (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه وقد سألوه يوما عن أي الناسِ أفضل: كلُ مخمومُ القلبِ صدوقُ اللسان، قالوا يا رسول الله قد عرفنا صدوقُ اللسان، فما مخموم القلب؟ قال هو التقيُ النقي الذي لا أثم فيه ولا بغي ولا حسد.

فأنظر كيف أن براءتَه من الإثمِ والبغيِ والحسد أوصلتَهُ إلى رتبةٍ شريفةٍ منيفةٍ وهي أن يكون أفضلَ الناس.

إن الأمرَ الذي ينبغي أن نعيَه هو أننا بأشد الضرورةِ إلى تفقدِ خطراتِ القلوب وتصفيتِها وأن يعلمَ كلُ منا أنه يومَ يدبُ إلى قلبِه شيءُ من خطايا القلوب فإن معنى ذلك أن النارَ تشتعلُ في ثيابِه ويوشكَ أن تُحرقَ بدنَه، ولذا فإن البحثَ عن أسبابِ تزكيةِ القلوبِ وتطهيرِها أمرُ ينبغي أن يجدَ فيه ويسعى إليه، فلنقفِ وقفاتٍ سريعةٍ مع أسبابٍ ستةٍ تعينُ على تطهيرِ القلوبِ وتزكيةِ النفوس.

فأولُ ذلك الصلةُ بذكرِ الله وقراءةِ القرآن.

إن القرآنَ يوم يتصلُ به العبدَ قراءةً متدبرةً يرفعُه على آفاقٍ عاليةٍ، أفاقُ تسموا به فوق خطراتِ النفوسِ الدنيئة، وعللِ القلوبِ الوضيعة، فإذا هو يسمو بهمتِه إلى الملأِ الأعلى: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ ). إن للذكرِ وللقرآن يومَ يتواصلُ العبدُ معها بقلبٍ حي أثرُها البالغُ في تطهيرِ القلبِ من أدرانٍ كثيرةٍ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://deen.hooxs.com
 
خطايا القلوب 3
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى أهل السنة في فلسطين :: الملتقي الفرعي :: الرقائق والمواعظ-
انتقل الى: